Comments

اخر الموضوعات

رثاء جريدة الاهرام له بعنوان عبدالوهاب مطاوع‏..‏ الرحيل في الموعد الأسبوعي

 


عبدالوهاب مطاوع‏..‏ الرحيل في الموعد الأسبوعي



في نفس يوم إطلالته الأسبوعية عليهم‏,‏ فقد ملايين القراء في مصر والوطن العربي مساء الجمعة قبل الماضي الكاتب المبدع الأستاذ عبدالوهاب مطاوع‏,‏ إذ يبدو أن القلب النابض بحب الناس اختار أن يتوقف في اليوم الذي اعتاد أن يضمد فيه جراح المعذبين‏,‏ وأن يمتع ملايين القراء بالكتابة الإنسانية الجميلة‏.‏

ومطاوع لم يؤسس فحسب لمدرسة متفردة في البريد والتواصل مع الملايين‏,‏ وإنما جسد حالة فريدة لا تتكرر بسهولة في الصحافة العربية‏,‏ فعندما التحق بالأهرام عام‏1961‏ كان واضحا أن الشاب الرقيق يخفي خلف هدوئه النبيل موهبة متفجرة‏,‏ وتدرج صاحب العطاء المفعم بالالتزام في المناصب حتي أصبح مديرا لتحرير الأهرام والديسك المركزي‏,‏ ورئيس التحرير لمجلة الشباب‏.‏

وفي كل موقع ترك عبدالوهاب مطاوع بصمات وتلاميذ أثروا‏-‏ ولايزالون‏-‏ الصحافة المصرية والعربية بإسهامات بارزة‏,‏ فمن عملوا في بلاط صاحبة الجلالة يدركون جيدا قيمة العمل مع هذا الرجل‏,‏ ومن اعتادوا أن يفتتحوا مساءات الخميس وصباحات الجمعة كل أسبوع علي فنجان قهوة وبريد الجمعة هم أكثر الخاسرين برحيل القلم الذي يقطر فكرا عميقا وحسا راقيا مفعما بالتجارب الإنسانية الثرية والنادرة‏.‏

ولا يقتصر تفرد مطاوع علي قدرته الفائقة والمعروفة في قيادة صالة التحرير الصحفي أو خصوصية الغوص في أعماق النماذج البشرية المختلفة‏,‏ وإنما تجاوز ذلك إلي تجسيد نموذج رائع في الالتزام الخلقي بالضمير الإنساني ومبادئ وتقاليد مهنة الصحافة‏,‏ فعلي مدي‏43‏ عاما قضاها وسط أمواج الصحافة العاتية ظل متمسكا بالنزاهة والوضوح‏,‏ صلبا في مواجهة الإغراءات‏,‏ وثابتا في حربه ضد الزيف والتحولات التي أصابت المجتمع خلال مراحل عديدة‏.‏

والأهرام العربي التي أصابها هذا الرحيل المفاجئ‏,‏ تنعي الفقيد الغالي إلي جموع الصحفيين والإعلاميين الشرفاء‏,‏ لكنها تقدم المواساة العميقة لملايين القراء الذين خسروا إطلالته الأسبوعية علي بريد الجمعة بالأهرام والذي تحول إلي طقس جميل ما كان ليغيب إلا برحيل صاحبه المبدع الكبير عبدالوهاب مطاوع‏.‏

تم النشر في عدد الاهرام ليوم السبت 14 اغسطس 2004 الموافق 28 جمادى الآخر 1424هـ

العدد   386  في ‏السنة 123 

ليست هناك تعليقات